خاص هيئة علماء فلسطين

    

الباحث: أحمد أحمد محمد العنسي

طالب دكتوراه اقتصاد إسلامي في جامعة إسطنبول صباح الدين زعيم

ملخص الدراسة:

الهدف من هذه الدراسة هو معرفة المخاطر الشرعية في التمويل الإسلامي، وأنواعها وأشكالها، وكذلك التعرف على الجانب العملي لأسس إدارة وقياس المخاطر الشرعية، من أجل العمل على الابتكار والأصالة في إنشاء العقود وصور التمويل للاستثمار والبعيدة عن التقليد.

وتأتي أهمية هذا البحث في ظل التطور السريع في الصيرفة الإسلامية، وتنوع العقود والمعاملات، التي فيها تداخل وتشابه مع المعاملات في البنوك التقليدية.

 وقد اعتمدت في البحث المنهج الاستقرائي في جمع المعلومات الجزئية المتعلقة بموضوع البحث من مصادرها الأصلية المتمثلة بأمهات المراجع في المذاهب الأربعة، وأقوال العلماء قديماً وحديثاً، وما اعتمدته المجامع الفقهية في العصر الحاضر، مع التأكد من أدلتها حتى توصلت إلى القناعة واليقين بدقة المعلومات التي دونتها في البحث، كما استخدمت المنهج التحليلي في تحليل المعلومات التي قمت بجمعها، وانتهيت بمجموعة من النتائج والتوصيات.

الكلمات المفتاحية: المصارف الإسلامية، إدارة المخاطر، المخاطر الشرعية، الاقتصاد الإسلامي.

ABSTRACT

The aim of this study is to know the legal risks, in Islamic finace their types and forms, as well as to identify the practical side of the shariah principles of managing and measuring risks, in order to work on innovation and originality in creating contracts and forms of financing for investment and away from imitation.

The importance of this research comes in the light of the rapid development in Islamic banking, and the diversity of contracts and transactions, which have overlapping and similarities with transactions in traditional banks.

 The research adopted the inductive method in collecting partial information related to the subject of in the research from its original sources, which are the mothers of references in the four schools of jurisprdence, and the sayings of scholars, past and present, and what the juristic councils have adopted in the present era, while making sure of their evidence until they have reached the conviction and certainty of the accuracy of the information that I have recorded in the research. The research ends with a set of results and recommendations.

Keywords: Islamic banks, risk management, Sharia risks, Islamic economics.

المقدمة:

تعتبر المصداقية الشرعية والكفاءة الاقتصادية الأساس الذي يجب أن تقوم عليه الأدوات المالية الإسلامية، ومن بين المحددات المصداقية الشرعية للمنتجات طبيعة المخاطر المصاحبة لها، وارتباط الخطر بالصناعة المالية لا مناص منه، وقد استتبع الخطر المرتبط بالأدوات المالية أحكاماً شرعية مختلفة، فقد يكون وجوده أحياناً سبباً في المصداقية الشرعية (كما في صيغ المشاركات)، وأحياناً أخرى سبباً في عدم تحققها (كالقروض الربوية)، ولأن الأمر كذلك، فقد أصبح من الضروري وضع نظرية للمخاطرة في الاقتصاد الإسلامي، وذلك في إطار الغرر، ومن أجل وضع الحد الفاصل بين المخاطرة المعتبرة شرعاً والمخاطر المحرمة([1])، أصبحت إدارة المخاطر من الضروريات لأي نشاط اقتصادي حتى تأمن الإفلاس والخروج من السوق، وحيث إن حفظ المال هو أحد المقاصد الشرعية، فإن عدم القيام بحفظ المال وحمايته والتي يغلب الظن تحققها قد يعتبر مخالفة للرشد وللمقصد الشرعي في حفظ المال، ويمكن أن يعتبر إسرافاً، وهذا منهي بنص الآية (... وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف من الآية 31 ([2]).

إن الدراسات الرسمية لإدارة المخاطر قد بدأت في أواخر النصف الثاني من القرن العشرين، ففي عام 1959م، أشارت دراسة markowit إلى أن اختبار المحفظة ما هي إلا معضلة تعظيم العائد المتوقع من هذه المحفظة وتخفيض مخاطرها([3]).

فما هي إدارة المخاطر الشرعية؟    

المبحث الأول: إدارة المخاطر الشرعية: مفهومها، أهميتها، أهدافها، مراحلها

المطلب الأول: مفهوم إدارة المخاطر المصرفية والشرعية:

قبل الشروع في الحديث عن إدارة المخاطر الشرعية، لا بد من التعريف الخطر إدارة المخاطر المصرفية، وذلك حتى تتضح الصورة العامة التي تندرج إدارة المخاطر الشرعية فيها.

الفرع الأول: -تعريف الخطر والمخاطرة لغة واصطلاحاً.

أولاً: تعريف الخطر لغة:

لقد جاءت عدة معاني لغوية لتعريف الخطر منها:

  1. جاء بمعنى التراهن، الخطر: السبق الذي يترامى عليه في التراهن، ويُجمع أخطار. وتخاطروا على الأمر: تراهنوا ([4]).
  2. والخَطَر: الإشراف على هَلَكَة ([5])، وخاطر بنفسه: أشفى بها على خَطر هُلك، أو نَيٍل مُلك. والجند يخطرون حول قائدهم: يُرونه الجدّ، وكذلك إِذا احتشدوا في الحرب ([6]).
  3. الخَطَر: ارتفاع المكانة والمنزلة والمال والشرف ([7]).

ثانيا: مفهوم ومصطلح الخطر عند الفقهاء:

تعريف عقود المخاطرة: هي ما يتردد بين الوجود والعدم، وحصول الربح أو عدمه، عن طريق ظهور رقم معين مثلاً، كالرهان والقمار، ونحوهما، لكنه مشروط بشروط ([8]).

إذا عرّفنا الخطر بأنه احتمال وقوع الخسارة، فمن الواضح حينئذ أن الخطر غير مرغوب به في الشريعة الإسلامية، لأنه تعريض المال للتلف والضياع، وهو ينافي مقصد الشريعة من حفظ المال وتنميته ([9])، ولكن هل كل خطر حرام، أو هل هناك أنواع من هذا الخطر؟ أجاب على التساؤل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه: والخطر خطران:

خطر التجارة: وهو مـن يشتري السلعة يقصد أن يبيعها بربح وتوكل على الله في ذلك، فهذا لا بد منه للتجارة، والتاجر يتوكل على الله ويطلب منه أن يأتي من يشتري السلعة، وأن يبيعها بربح، وإن كان قد يخسر أحياناً، فالتجارة لا تكون إلا كذلك.

الخطر الثاني: الميسر الذي يتضمن أكل مال الناس بالباطل، فهذا الذي حرمه الله مثل بيع الملامسة ([10])، والمنابذة ([11])، وحبل الحلبة ([12])، والملاقيح ([13]) وبيع الثمار قبل بُدُوّ صلاحها ([14]).

كما لم يُشِر الفقهاء القدامى إلى معنى الخطر أو المخاطر بالمعنى الحديث، ولكنهم تناولوا ما يفيد هذا المعنى، ومن هذه المعاني: –

  1. الغرر: –

تعريف الغرر لغة: –

هو التعرّض للهلاك أو الخطر ([15]).

الغرر اصطلاحا: –

ذكر فقهاء المذاهب تعريفات للغرر متقاربه نسبياً منها:

قال السرخسي الحنفي ([16]): الغرر: ما يكون مستور العاقبة ([17])، وهذا من التعاريف الجامعة لمعنى الغرر، وهو ما لا يعرف العاقبة.

وجاء عند الإمام الخطابي([18]) في كتابه معالم السنن في تعريف الغرر: أصل الغرر هو ما طُوِي عنك علمه، وخفى عليك باطنه وسرّه، وهو مأخوذ من قولك طويت الثوب على غِرّه، أي على كسره الأول، وكل بيع كان المقصود منه مجهولاً غير معلوم، ومعجوزاً عنه غير مقدور عليه فهو غرر، وذلك مثل أن يبيعه سمكاً في الماء، أو طيراً في الهواء، أو لؤلؤة في البحر، أو عبداً آبقاً، أو جملاً شارداً، أو ثوباً في جراب لم يره ولم ينشره، أو طعاماً في بيت لم يفتحه، أو ولد بهيمة لم تُولد، أو ثمر شجرة لم تثمر، وفي نحوها من الأمور التي لا تُعلم، ولا يدري هل تكون أم لا، فإن البيع فيها مفسوخ، وإنما نهى صلى الله عليه وسلم عن هذه البيوع تحصيناً للأموال أن تضيع، وقطعاً للخصومة والنزاع أن يقعا بين الناس فيه ([19]).

  • المقامرة أو المجازفة:

المجازفة: المخاطرة، يقال: جازف بنفسه، إذا خاطر بها ([20]).

الفرق بين الخطر والغرر والمقامرة:

قد يكون هناك شبه كبير بين الخطر في المنظور المالي والغرر في المنظور الشرعي، وذلك من عدة وجوه، منها -كما يرى الباحث-وجهين اثنين:

  1.  أن الغرر إنما هو خلل في الصيغة التعاقدية يتولد عنه مخاطرة، لكن المخاطر بحد ذاتها لا تؤدي إلى فساد العقد. أما الخطر بالمفهوم المالي، فهو أمر يتعلق بالملابسات المحيطة بالعمليات المترتبة على العقد، والتي ربما فوّتت حصول الغرض الذي يرمي إليه من يتعرض لهذا الخطر.
  2. الغرر مفهوم ساكن، ولذلك إذا انعقد العقد على غير غرر لم يدخله الغرر بعد ذلك، فمثلاً إذا مات المدين فلا يقال إن العقد دخله الغرر، فيفسد بعد أن كان عقداً صحيحاً، بينما الخطر بمعناه المالي مفهوم متحرك، ولذلك تزيد المخاطر بتغير الظروف.

الفرع الثاني: تعريف إدارة المخاطر المصرفية:

عُرّفت إدارة المخاطر المصرفية عدة تعاريف، ومنها:

  1. هي الإجراءات والسياسات التي تقوم بها الإدارة المصرفية التي تهدف إلى حماية البنك من المخاطر المختلفة المحيطة به، وذلك بتحديد مواقع المخاطر وقياسها وإدارتها، لتجنبها أو السيطرة عليها أو تحويلها، وذلك من خلال نظام شامل لإدارة المخاطر ([21]).
  2. هي تحديد، وتحليل، والسيطرة الاقتصادية على هذه المخاطر التي تهدد الأصول أو القدرة الإدارية لمشروع ([22]).
  3. هي عملية مستمرة من اتخاذ القرارات التي من شأنها أن تقلّل إلى حد مقبول من تأثير أو حالة عدم التأكد المتعلقة بالتعرّض للمخاطر التي لها تأثير على المنشأة، بمعنى آخر: هي الميل الطبيعي للمنظمة باتجاه الموازنة بين الفرص والتهديدات ([23]).
  4. هي الإجراءات التي تُتّخذ لحماية المال من التقلب غير المتوقع وغير المرغوب للعاقد، وهو يعرف أحيانا بالخطر المالي ([24]).

من النظر في هذه التعريفات نجد أن إدارة المخاطر يجب أن تمرّ في مراحل من أجل السيطرة على الخطر، وهي كالتالي:

  • التخفيض: وهو التفكير أو البدء في إيجاد الطرق الممكنة لتخفيض الخسارة، وتكون على مرحلتين:
  • التخفيض قبل الحادث، ويشمل كافة الخطوات التي تقوم بها الإدارة عند تحديد الخطر، وقبل وقوع أي خسارة.
  • التخفيف بعد الحادث، ويقصد بها الخطوات التي يعتقد مدير الخطر أن تكون سبباً في تخفيضه عندما يقع الحادث، مثل استخدام نظام الرش لمكافحة الحرائق.
  • الاحتفاظ (الاحتجاز): ويقصد به أنه بمجرد أن يتم تشخيص وتخفيض بالقدر المستطاع، فإن القرار الواجب أخذه وما يجب فعله، هو احتجاز الخطر قبل تحويل الخطر، والذي سوف يكلفنا أيضاً.
  • التحويل: وهي الخطوة النهائية في العملية، وهي تحويل الخطر إلى طرف آخر هو التأمين ([25]).

وبناء على ذلك تمثل إدارة المخاطر مختلف الأعمال التي تقوم بها الإدارة للحدّ من بعض الآثار السلبية الناتجة عن هذه المخاطر، بالرغم من أن معظم الطرق المتّبعة للحدّ من الآثار السلبية للمخاطر تتعلق بوضع إجراءات رقابة إضافية، إلا أنه من الممكن استخدام طرق متاحة أخرى، منها التنويع أو مشاركة آثار هذه المخاطر مع جهات أخرى بواسطة العقود، والكفالات، والضمانات والتأمين ([26]).

ولإدارة المخاطر المصرفية وظائف أساسية هي: ([27])

  1. ضمان توافق الإطار العام الأساسية لإدارة المخاطر مع المتطلبات القانونية.
  2. القيام بالمراجعة الدورية، وتحديث سياسة الائتمان في المصرف.
  3. تحديد مخاطر كل نشاط من أنشطة المؤسسة، وضمان حسن تحديدها وتبوبيها وتوجيهها لجهات الاختصاص.
  4. مراقبة تطور مخاطر الائتمان والتوصية بحدود تركّز هذه المخاطر، مع الأخذ بعين الاعتبار إجمالي المخاطر لمنتجات معينة، ومخاطر الطرف الآخر.
  5. مراقبة استخدام الحدود والاتجاهات في السوق ومخاطر السيولة، والتوصية بالحدود المناسبة لأنشطة التداول والاستثمار.
  6. مراجعة المنتجات المستحدثة على أساس معايير قبول المخاطر والمنافع، ورفع تقارير بهذا الشأن للإدارة العامة.
  7. تطبيق النماذج التي تعتمدها المؤسسة في تحديد المخاطر كمياً، والإشراف عليها وتحليل السيناريوهات المطروحة.
  8. المراجعة المستمرة لعمليات التحكم بالمخاطر في المؤسسة، واقتراح التحسينات في الأنظمة المختلفة، وعملية تدفق المعلومات.
  9. نشر الوعي بالمخاطر بوجه عام على مستوى المؤسسة ككل.

الفرع الثالث: تعريف إدارة المخاطر الشرعية:

من خلال مفهوم إدارة المخاطر المصرفية تبيّن لنا أن إدارة المخاطر المصرفية تهدف إلى حماية البنك من المخاطر المختلفة، ومن أجل ذلك يتم تحديد هذه المخاطر وقياسها، لتجنبها أو السيطرة عليها.

وبما أن المخاطر الشرعية تدور حول التزام المؤسسة المالية الإسلامية بالضوابط والمعايير الشرعية، وما قد يترتب على ذلك من خسارة، فإن إدارة المخاطر الشرعية ستدور حول قياس وتحديد المخاطر الشرعية، أو مخاطر عدم الالتزام بالضوابط والمعايير الشرعية، وبحث سبل الحدّ منها أو السيطرة عليها وتجنّبها.

وقد عرف البنك المركزي الماليزي إدارة المخاطر الشرعية فقال: هي وظيفة تقوم بتحديد منهجي للأخطار الناجمة عن عدم الالتزام بالشريعة، وقياسها ومراقبتها وإدارتها، وتهدف إلى التقليل من أية حوادث ناشئة عن عدم الالتزام بالشريعة ([28]).

كما يمكن أن نقول إن وظيفة إدارة المخاطر الشرعية هي وظيفة لتحديد وقياس ومراقبة والسيطرة على مخاطر عدم الالتزام بالشريعة، وللتخفيف من أحداث عدم الالتزام ([29]).

ويمكننا أيضا أن نعرّف إدارة المخاطر الشرعية بأنها: عملية تحديد وقياس وتقييم المخاطر الشرعية، والسيطرة عليها بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، واتخاذ الاستراتيجيات الملائمة لتلافيها إن أمكن، أو تخفيضها إلى الحد المقبول، أو تجنبها، وإنها مسؤولية كافة الأفراد في المؤسسة، بما فيها هيئة الرقابة الشرعية ([30]).

المطلب الثاني: أهمية إدارة المخاطر الشرعية:

لقد نماء القطاع المصرفي الإسلامي في العقد المنصرم نمواً كبيراً، ويرجع ذلك إلى إقبال الناس على هذه المصارف سواء كعملاء أو مستثمرين، وذلك لانضباط هذه المصارف بأحكام الشريعة الإسلامية، وبالتالي فإن أي خلل يتعلق بهذا الجانب الديني أي المخاطر الشرعية سينعكس لا شك سلباً على المتعاملين مع هذه المصارف.

ولذلك فإن لإدارة المخاطر الشرعية بما تقوم عليه من قياس وتحديد للمخاطر والبحث عن سبل الحدّ منها أهمية كبيرة، فالمخاطر الشرعية عند وقوعها تؤدي إلى الإضرار بسمعة المؤسسة برمتها، وخسارتها من حصتها السوقية، وتحقيق خسائر مالية، وهذه الخسائر من جهتين هما: أولاً: تراجع عدد المتعاملين المؤسسة المالية. ثانياً: خسارة الأرباح المحققة الناتجة عن عدم الالتزام بالضوابط الشرعية (المخاطر الشرعية). لذلك يجب على كل الهيئات المالية التأكد من أن جميع العمليات والمنتجات المالية الإسلامية تتماشى مع متطلبات ومبادئ الشريعة، فالتقصير في هذا الجانب سوف يؤدي إلى تخفيض اليقين في ثقة المتعاملين والمودعين بها.

فتحتاج السلطات الإشرافية إلى وضع تأكيد هام على كفاءة إدارة المخاطر في المصرف الإسلامي، بما في ذلك مراقبة أنظمتها، وقياس التأثير الشامل لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها على المصرف الإسلامي، ومراقبة ومتابعة ذلك بكفاءة كافية. وأي احتمال وأي مدخل لوقوع المخاطر الشرعية في جميع عملياتها يعتبر بمثابة تعريض المصرف الإسلامي لخسارة حتمية للدخل، بالإضافة إلى مخاطر سمعة، وإعسار محتمل.

وعند تقييم نوعية المراقبة الداخلية للمصرف الإسلامي، يجب على السلطة الإشرافية أن تأخذ في الاعتبار مراجعة العناصر الرئيسة المنصوص عليها في المبادئ الإرشادية لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، حول إدارة المخاطر وضوابط إدارة المؤسسات. وعليه فإن من أهمية إدارة المخاطر الشرعية ما يلي:

  1. تأتي أهمية إدارة المخاطر الشرعية من أنها هي الإنذار المبكر والتحذير والتنبؤ من الوقوع في مخالفة شرعية ([31])، فقد لا تظهر في وقت دراسة أحد المعاملات الشرعية مخاطر شرعية، ولكن مع تعميق النظر في جمع المعلومات، والدراسة المعمّقة لجمع النواحي، قد يؤدي إلى التنبؤ بهذه المخاطر الشرعية، وبالتالي العمل على دراستها، وعمل الحلول والمخارج الشرعية اللازمة لهذه المعاملة، أو العمل على إنتاج معاملة جديدة تكون خالية من هذه المخالفات الشرعية، ومثل ذلك الوعد الملزم في بيع الآمر بالشراء، ذلك أن هذا قد يكون له رأي شرعي قوي بحجج ودلائل، غير أنه قد يسقط مبدأ مهماً في البيع والشراء، وهو مبدأ الرضا في البيع.
  2. تقليل مخاطر حدوث عدم الالتزام الشرعي، وتخفيض الخسائر، وتعظيم ربحية المؤسسة المالية الإسلامية.
  3. مساعدة كل من إدارة الالتزام الشرعي، والتدقيق الشرعي الداخلي والخارجي، بتقليل مخاطر عدم الالتزام الشرعي([32]).
  4. الوصول إلى مستوى أعلى من النظام والشفافية في الصناعة المالية الإسلامية.
  5. تقديم يد العون والمساعدة للهيئة الشرعية في تقريرها السنوي عن مدى الالتزام الشرعي.
  6. حفظ المال، وهو من المقاصد الشرعية الإسلامية، وهذا يعتبر الإطار العام لإدارة المخاطر في المؤسسات المالية الإسلامية، على اعتبار أن الضوابط الشرعية هي التي تحكم عملها ([33]).
  7. كشف مواطن الخلل والانحرافات التي قد تحدث، وأنواعها وأسبابها، وتقييم نتائجها، والاستفادة من ذلك عند إعداد الخطط اللاحقة ([34]).
  8. العمل على إيجاد حلول شرعية واضحة لا يكون فيها أي شيء من التحايل أو الرأي الضعيف والاحتجاج به.
  9. العمل والتوافق مع كل من إدارة الرقابة الشرعية وكذلك التدقيق الشرعي، من أجل إعداد الدراسات اللازمة، والتواصل المستمر للوصول إلى الرأي السديد.
  10. العمل على الحفاظ على سمعة العمل المصرفي الإسلامي عند جمهور الناس، ورفع مصداقيتها، وذلك حتى لا تتعرض هذه المؤسسات المالية الإسلامية إلى فقدان ثقة الناس فيها، عندما لا يجدون الفروق الجوهرية العملية المقنعة بأن هذه المؤسسات المالية الإسلامية تتميز عن المؤسسات المالية التقليدية في الباطن والجوهر.

المطلب الثالث: -أسباب المخاطر الشرعية

للمخاطر الشرعية أسباب عدة تؤدي إلى حدوثها، منها ما يرتبط بطبيعة المعاملة الشرعية، ومنها ما يرتبط بمصادر خارجية ترتبط بالقوانين والظروف الدولية وغيرها من الأمور، وفيما يلي تفصيل الحديث عن أسباب المخاطر الشرعية، وأبرز الأسباب التي تؤدي إلى حدوثها:

الأول: المحاكاة للمنتجات غير الإسلامية ([35]):

المحاكاة تعني أن يتم سلفاً تحديد النتيجة المطلوبة من منتج صناعة الهندسة المالية الإسلامية، وهي عادة النتيجة نفسها التي يحققها المنتج التقليدي، لكن هنا يتم الوصول إلى هذه النتيجة بما يتناسب مع قواعد وضوابط الشريعة الإسلامية. وإذا كان من أبرز مزاياها السهولة والسرعة في تطوير المنتجات، إذ لا يتطلب الأمر الكثير من الجهد والوقت في التطوير، ولكن لها سلبيات منها:

أن تصبح الضوابط الشرعية مجرد قيود شكلية لا حقيقة تحتها، ولا قيمة اقتصادية من ورائها، وهذا يضعف قناعة العملاء بالمنتجات الإسلامية، ويجعل التمويل الإسلامي محل الشك والريبة، بل تصبح تلك الضوابط عبئاً وعائقاً أمام المؤسسات المالية، إذ هي لا تحقق أي قيمة إضافية، بل تكلفة إضافية، ومن الطبيعي في هذه الحالة أن تحمّل المؤسسات المالية هذه التكلفة على العميل، فتكون المنتجات الإسلامية المقلدة في النهاية أكثر كلفة من المنتجات التقليدية، مع أنها تحقق في النهاية النتيجة نفسها.

المنتجات التقليدية تناسب الصناعة التقليدية وتحاول معالجة مشكلاتها وأمراضها، وبالتالي فإن محاكاه هذه المنتجات التقليدية تستلزم التعرض لنفس المشكلات، وهذا بدوره يستلزم محاكاة المزيد من المنتجات التقليدية، وفي النهاية تعاني من نفس الأمراض والأزمات التي تعاني منها الصناعة المالية التقليدية.

أي منتج لصناعة الهندسة المالية التقليدية هو جزء من منظومة متكاملة من الأدوات والمنتجات القائمة على فلسفة ورؤية محددة، فمحاولة التقليد يجرّ الصناعة الإسلامية لمحاكاة سائر أدوات هذه المنظومة وعناصرها.

ثانياً: ضعف النظام في المصارف الإسلامية:

المقصود بالنظام في المصارف هو الأنظمة الآلية التي تشتغل بها البنوك في المعاملات البنكية، حيث إنه قد يتم العمل في بعض البنوك الإسلامية بنفس أنظمة البنوك التقليدية، والتي صُممت للبنوك التي يكون في أصلها التعامل بالربا، وتعمل على حساب الفوائد التي تتعامل بها هذه البنوك، أو قد تكون أنظمة خاصة بالبنوك، غير أنها لا تتمتع بالكفاءة العالية المرونة الكافية للتعامل بأي شكل من أشكال المعاملات الإسلامية، وكذلك ضعف الرقابة على هذا الأنظمة والسيطرة عليها، قد تجعلها سبباً من أسباب المخاطر الشرعية.

ثالثاً: انعدام المرجعية الموحّدة المركزية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية ([36]):

عند النظر إلى واقع المصارف الإسلامية، نرى أن كل مصرف قد يبيح بعض المعاملات، ويرفض أخرى، وهذا يعكس عدة أمور منها:

  1. عدم الالتزام بآراء الفقهاء المعتبرة لدى الأمة كأساس في الفتوى، دون إلغاء لآراء الفقهاء الآخرين المعاصرين.
  2. مخالفة قرارات المجامع الفقهية الإسلامية وهيئات الاجتهاد الجماعي الأخرى.
  3. عدم مراعاة مقاصد الشرعية ومالات الأفعال عند بيان الحكم الشرعي.
  4. الأخذ بالأقوال الشاذة، وتتبع الرخص، أو التلفيق الممنوع وفق ما صدر في قرارات بعض المجاميع الفقهية أو الهيئات الشرعية.
  5. عدم التقيد بضوابط الفتوى الصادرة من المجامع الفقهية أو هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.

هذه الأمور وغيرها تظهر عدم وجود مرجعية موحدة للمصارف الإسلامية، بحيث تتم دراسة المعاملات المالية الجديدة ومدى التزامها بالشريعة الإسلامية، إذ لا يخفى أثر تضافر الجهود في تطوير وتنضيج الأفكار والمشاريع، وقد يُحرم القطاع المصرفي الإسلامي من مثل هذه الجهود التعاونية.

رابعاً: ضعف الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية:

تتسم المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية عن غيرها بمزايا عديدة، ولعل أهمها هو وجود هيئات الرقابة الشرعية والتدقيق الشرعي، والتي تعد أحد ركائز تلك المصارف والمؤسسات، بل إن تفعيل دور هيئات الرقابة الشرعية والتدقيق الشرعي يمكّن البنوك الإسلامية من زيادة مصداقيتها لدى جمهور المتعامل معها ([37]).

ومن أهم أسباب الوقوع في المخاطر الشرعية هو ضعف الرقابة الشرعية الفعالة وليس الشكلية، وبسبب هذا الضعف يكون هناك الكثير من المخاطر الشرعية والمخالفات الشرعية التي قد تقع أثناء المعاملات المصرفية.

 ومن أسباب ضعف هيئات الرقابة الشرعية ([38]):

  1. ضعف تأهيل الكوادر في الرقابة الشرعية.
  2. تدخّل البنك في الفتوى تبعاً للرغبة، والهدف المرجو هو الربح.
  3. ضعف إدارة الرقابة الشرعية حَصَرَ عملها في الإجابة عن الأسئلة فقط، ولا يوجد دور رقابي حقيقي.
  4. انخفاض فاعلية وأداء دور الرقابة الشرعية المطبّق في المصارف الإسلامية بسبب تشتت وظيفة الرقابة الشرعية بين العديد من الجهات، سواء داخل أو خارج المؤسسة المالية الإسلامية.

خامساً: ضعف العنصر البشري:

نظراً لعدم وجود عاملين متخصصين في المجالين الشرعي والمصرفي، فإن البنوك الإسلامية وجدت نفسها مضطرة لتوظيف ذوي الخبرات المصرفية الربوية، وذلك من أجل تكوين جهازها الإداري والتنفيذي، ولهذا الاختيار عواقب ظهرت على المصارف الإسلامية تمثلت في الآتي ([39]):

عدم قدرة العاملين في البنوك الإسلامية على الدفاع عن منتجهم الإسلامي.

عدم إيمانهم بأهداف البنك الإسلامي.

تغليب مصالحهم الذاتية للعمل في البنك الإسلامي، كزيادة الراتب والحوافز التي يحصلون عليها من العمل الجديد، على مصلحة البنك.

عدم فهم الكثير منهم للجوانب الفقهية والتكييف الفقهي للمعاملات، مما ولّد نكوصهم في تنفيذ المعاملات إسلاميا، وتفضليهم تنفيذها بالطريقة الربوية العالقة في أذهانهم، ولأن العاملين القادمين من البنوك الربوية حصلوا على المواقع الحساسة في البنوك الإسلامية، مع عدم حصولهم على التدريب والتثقيف اللازم، فإن ذلك ولّد مشكلة لدى العاملين في البنوك الإسلامية في التنفيذ للصيغ، وزاد من المخالفات الشرعية، فأفقد الناس الثقة بهذه البنوك في كثير من الأحيان.

قد يكون هذا الضعف لأحد الأسباب التالية:

  1. المعرفة والوعي: الضعف في التأهيل العلمي والعملي قد يؤدي إلى حدوث مخالفة شرعية، فجهل الموظف وضعف علمه بالمعاملات الشرعية، يمكن أن يوقعه في المخالفة الشرعية وهو لا يعلم، أو أنه قد يرى أن الأمر ليس فيه شيء وهي مخالفة شرعية، ولعل السبب الرئيس الذي يوقع الموظفين في المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بالمخالفات الشرعية هو عدم إلمامهم بطبيعة أعمال المصارف الإسلامية وخصائص صيغ التمويل الإسلامية ([40]).
  2. ضعف الاتصال: أن ضعف الاتصال بين كلٍ من إدارة الرقابة الشرعية وبين العاملين في المصرف، إذ قد يؤدي هذا الضعف في التنسيق إلى حدوث مخالفات شرعية، وعدم المعرفة بها إلا بعد حدوثها.
  3. الإهمال والتقصير: من الموظفين في المصرف بسبب ضعف المراقبة الداخلية، أو نقص الالتزام الديني، قد يؤدي إلى حدوث بعض المخالفات الشرعية في المعاملات سواء بقصد أو بغير قصد.

سادساً: ضعف الناحية القانونية في البنوك الإسلامية:

نشأت المصارف الإسلامية في بداية الأمر بتراخيص فردية وقوانين فردية ولم يصحب هذا التوسع في النشاط المصرفي الإسلامي بنيان قانوني عام يحدد مبادئاً وأسساً قانونية للمصارف الإسلامية وقواعد الرقابة عليها، الأمر الذي ترك الكثير من الثغرات القانونية لعمل المصارف الإسلامية في بداية علمها، حيث كان أكثر تركيز البنوك الإسلامية على عدم التعامل بالفائدة أخذاً وإعطاءً وبهذا ظلت القواعد القانونية السارية على البنوك التقليدية هي المطبقة على النشاط المصرفي الإسلامي والتقليدي([41])، لهذا السبب كان للناحية القانونية التي تنظّم عمل البنوك أثر كبير في وقوع المخاطر الشرعية، حيث إن هذه القوانين تُسنّ للبنوك التقليدية التي ليس لديها حرج شرعي في هذه القوانين، لكن البنوك الإسلامية ترى بعض القوانين توقعها في المخاطر الشرعية، فمثلاً، الاحتياطي البنكي الذي يوضع في البنك المركزي بشكل إلزامي، والذي قد يكون عليه أرباح من الفوائد الربوية، فهذه الفوائد حرام من وجهة النظر الشرعية، فبالتالي تضطر المصارف الإسلامية إلى التخلص من هذه المبالغ لكونها مال حرام.

فمثل هذه القوانين وغيرها من المعالجات التي قد تلجأ إليها البنوك المركزية، مثل إعادة سعر الخصم، أو عمليات السوق المفتوح، تتناسب مع البنوك التقليدية، ولا تتناسب مع البنوك الإسلامية، وتسبب وقوعها في المخالفات الشرعية.

ولحل هذه المشكلة ينبغي إيجاد مرجعية موحدة تنظّم أعمال المصارف المالية الإسلامية ([42])، وتتفاوض مع إدارة البنوك المركزية بحيث تراعي في قوانينها البنوك الإسلامية التي تنضبط بضوابط الشريعة الإسلامية.

سابعاً: بعض الاجتهادات الفقهية التي قد تؤدي إلى الحيل المحرمة:

إن من أهم أسباب الوقوع في المخالفات الشرعية في أغلب التعاملات المالية هو البحث عن المخرج الشرعي في بعض المعاملات المالية، وعندما لا يوجد دليل أو مخرج شرعي لبعض المعاملات، يتم البحث في بعض الحيل التي قد توصل إلى المطلوب في المعاملة، ولكن مع هذا، قد تكون هذه الحيلة شرعية، وقد وتكون غير شرعية.

المطلب الرابع: أهداف إدارة المخاطر الشرعية:

تسعى إدارة المخاطر الشرعية لتحقيق جملة من الأهداف أُجملها فيما يلي:

  1. الابتعاد من الوقوع في مخالفة شرعية:

من المعلوم أن الفكرة الأساسية التي قامت من أجلها المؤسسات المالية الإسلامية، هي في الأساس الابتعاد عن المعاملات المالية المخالفة للشريعة الإسلامية، فكان الجهد الأكبر هو كيفية جعل تلك المعاملات معاملات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وذلك من خلال أسلمة تلك المعاملات غير الإسلامية، بالتعديل فيها وفي شكلها، وجعلها متوافقة مع الشريعة الإسلامية، أو إنتاج منتج جديد، وهو الذي ندعو إليه ونشجع عليه، وعمل الإجراءات والسياسات والضوابط حتى لا تقع تلك المخالفات الشرعية مرة أخرى.

  • الابتعاد عن الوقوع في خسارة مالية للمصرف الإسلامي:

إن حفظ المال من أمهات المقاصد الشرعية في الإسلام، وبالتالي فإن حفظ المال من الخسارة والضياع أمر مقصود ومطلوب شرعاً، وعليه يجب على المصارف الإسلامية حفظ المال الموجود بين يديها بغضّ النظر عن مصدره. وبناء على ذلك أصبحت إدارة المخاطر من الضروريات لأي نشاط مصرفي، حتى تأمن الإفلاس والخروج من السوق. وتأتي الأهمية من أن إدارة المخاطر الشرعية قد تعمل على تقليل مخاطر حدوث عدم الالتزام الشرعي، والذي يؤدي إلى تخفيض الخسائر، وتعظيم ربحية المؤسسة المالية الإسلامية ([43]).

  • زيادة كفاءة وقدرة المؤسسات المالية الإسلامية في مواجهة المخاطر:

وتحتاج السلطات الإشرافية إلى وضع تأكيد هام على كفاءة إدارة المخاطر في مؤسسة الخدمات المالية الإسلامية، بما في ذلك مراقبة أنظمتها، وذلك عند رقابة السلطات الإشرافية لوضع مؤسسة الخدمات المالية الإسلامية، وبالقياس إلى التأثير الشامل لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها على مؤسسة الخدمات المالية الإسلامية، في التعرف على الالتزام بأحكام ومراقبة ومتابعة ذلك بكفاءة كافية، والذي يحتمل أن يسري على جميع عملياتها، يعتبر بمثابة تعريض مؤسسة الخدمات المالية الإسلامية لخسارة حتمية للدخل، بالإضافة إلى مخاطر سمعة وإعسار محتمل. وعند تقييم نوعية المراقبة الداخلية لمؤسسة خدمات مالية إسلامية، يجب على السلطة الإشرافية أن تأخذ في الاعتبار مراجعة العناصر الرئيسة المنصوص عليها في المبادئ الإرشادية لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، حول إدارة المخاطر وضوابط إدارة المؤسسات، ومساعدة كل من إدارة الالتزام الشرعي والتدقيق الشرعي الداخلي والخارجي بفحص مخاطر عدم الالتزام الشرعي ([44]). وعندما تعمل على المعالجات الصحيحة للمخاطر الشرعية فإن ذلك يرجع إلى زيادة كفاءة وقدرة المؤسسة المالية الإسلامية من خلال نظامها والإجراءات السياسات التي تقوم بها على معالجة هذه المخاطر.

  • زيادة قدرة المؤسسات المالية على وضع الخطط والسياسات المستقبلية:

عند الكشف عن مواطن الخلل والانحرافات، والقيام بالدراسات لمعرفة المخاطر الشرعية المتوقعة أو المخاطر الشرعية التي يحتمل حدوثها، ونوعها، وأسبابها، وتقييم نتائجها، فإن كل ذلك يفيد عند إعداد الخطط اللاحقة ([45])، وإعداد النظام، والسياسات، والإجراءات المستقبلية، التي تمنع حدوث المخاطر وترفع من كفاءة المصرف.

  • المحافظة على سمعة وشفافية ومصداقية المصارف الإسلامية:

عندما تقوم إدارة المخاطر الشرعية بعملها على أكمل وجه، وتقوم بالكشف والتنبؤ بالمخاطر الشرعية التي قد تحدث، ويتم معالجتها بالطريقة الصحيحة، فإن ذلك سوف يزيد من ثقة الجمهور والمتعاملين مع المصرف، وفي المقابل يسبب أي قصور في هذا المجال أن يبحث أغلب الناس عن مصارف أخرى إسلامية أو تقليدية، لأنه لا يوجد عندئذ فرق بين المصارف الإسلامية التي قامت من أجل تجنب الوقوع في الحرام والالتزام بالشريعة الإسلامية، وغيرها من البنوك التقليدية، مما يؤدي إلى فقدان ثقة المتعاملين بها، فالثقة هي الضابط الرئيسي لكافة المعاملات سواء المالية أو الخدمية، وضعف الثقة يؤدي إلى فقدان جزء كبير من الحصة السوقية والمتمثلة في المودعين وطالبي التمويل([46]).

المطلب الخامس: مراحل إدارة المخاطر الشرعية:

ذكرنا سابقاً أن المصارف الإسلامية تتميز عن المصارف التقليدية بإدارتها للمخاطر الشرعية القائمة على الالتزام بالضوابط الشرعية، وبالتالي فإن مراحل إدارة المخاطر الشرعية لا تقاس رياضياً بالأرقام، وهي بذلك تختلف عن إدارة المخاطر التشغيلية والسوقية والائتمانية وغيرها من المخاطر القابلة للقياس الرياضي من خلال الأرقام والدراسات السابقة؛ فالمخاطر الشرعية تعتمد معيار الالتزام بالضوابط الشرعية أو عدمه ([47])، ولا يمكن الكشف عنها من خلال الأرقام. وبناءً على ذلك فإن إدارة المخاطر الشرعية تمر بالمراحل التالية ([48]):

المرحلة الأولى: تحديد وقياس وتحليل المخاطر الشرعية:

يجب على السلطة الإشرافية أن تتأكد من كفاية مختلف نواحي الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها، وذلك بالرجوع إلى معايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية، والمعايير المتعلقة بمتطلبات رأس المال، وإدارة المخاطر، وهيكل ضوابط الإدارة، والإجراءات والشفافية وانضباط السوق ([49]).

كما ويتم تحديد المخاطر الشرعية من خلال الدراسات والأبحاث والمعلومات التي يتم جمعها من خلال دراسة جميع مراحل المعاملة من البداية حتى النهاية، وذلك من خلال توفر أركان العقد وتحقيق شروطه، والتسلسل في عملية إنشاء العقود التي تقوم على تسلسل معين كالمرابحة، وكذلك دراسة العمليات التي تجري أثناء المعاملة، وبعد المعاملة حتى آخر نقطة. وبناء على ذلك يتم توقع مصدر المخالفة الشرعية، وتحديد المخاطر المتأصلة المتوقعة، ومراقبتها، وقياس الأثر المحتمل لمثل هذه المخاطر على المؤسسة، بناءً على الاستبعاد التاريخي والفعلي من دفاتر المحاسبة للإيرادات الناجمة عن الأنشطة المخالفة للشريعة ([50]).

وهنا على قسم إدارة المخاطر أن يقوم بإبراز المخاطر التي تترتب على السياسات التي تقرها الإدارة، وتمت موافقة الهيئة الشرعية عليها، فمثلاً في بيع المرابحة إذا أجازت الهيئة الشرعية أن تتضمن صيغة البيع مرابحة إعطاء العميل وعداً ملزماً لشراء السلعة بعد تملك البنك لها، فعندئذ يكون من مسئولية قسم إدارة المخاطر أن يوضح المخاطر الشرعية المصاحبة فيما إذا اختارت إدارة البنك عدم الأخذ بالوعد الملزم، وكذلك ما يترتب شرعاً في حال أخذ الإدارة بالقول بالوعد الملزم. وغيرها كثير كعجز العميل عن توفير السلعة في السَلَم الموازي، وما يترتب في هذه الحالة. فهنا يقع على عاتق وحدة إدارة المخاطر أن تحدد المخاطر وتوضحها للمسؤولين ليكون قرارهم مبنياً على أسس واضحة.

ويظهر دور إدارة المخاطر أيضاً في عملية تقييم المخاطر بناءً على مدى الأثر المترتب على وقوع تلك المخاطر، أهي مخاطر عالية أم متوسطة أم منخفضة، إذ يترتب على المخاطر العالية مخاطر جسيمة سواء مخاطر في السمعة أو مخاطر مالية. فمثلاً من المخاطر العالية بيع سلعة قبل امتلاكها، فهو يؤدي إلى إبطال العقد شرعاً، وهذا يعني عدم استحقاق البنك للأرباح المتولدة عن تلك المعاملة.

كما يجب مراعاة الزمن والمكان عند دراسة كل معاملة شرعية، مثل أن تكون المعاملة في الدول الإسلامية أو في دولة غير مسلمة، من حيث إن بعض المعاملات قد تأخذ حكماً في بلد ما يختلف عنه في بلد آخر، فقد تحمل معاملة ما في بعض البلدان مشقة وحرجاً يخرجها من الحرمة إلى الإباحة ما لا تحمله في بلد آخر.

المرحلة الثانية: المراقبة والتقرير:

وفي هذه المرحلة يتم رفع التقارير إلى هيئة الرقابة الشرعية لبحث هذه المخاطر، ودراستها، وآلية التعامل معها، وما الواجب لإدارتها. فتقوم هيئة الرقابة بالبحث عن بدائل لهذه المخاطر، ودراسة كل الخيارات المتاحة، وهل سيكون في هذه الخيارات مخاطر شرعية أو غيرها من المخاطر. ويراعى عند البحث في البدائل أن تكون الحلول منطقية وقابلة للتطبيق على أرض الواقع، فقد يكون من الحلول أن تبقى المخالفة الشرعية قائمة ومن غير الممكن إبعادها، لذلك يتم البحث عن حلول تعمل على محو آثارها، كما هو معمول في المصارف الإسلامية في مسألة الاحتياط النقدي الموجود في البنك المركزي، حيث يتم تطهير تلك الفوائد، لأنها تقوم على أساس نظام الفائدة (الربا) المحرّم شرعاً ([51]).

المرحلة الثالثة: وضع السياسات والإجراءات وتطوير الوعي:

  1. بعد أن يتفق قسما إدارة المخاطر الشرعية والرقابة الشرعية على الخيارات المتاحة لمعاجلة المخاطر الشرعية، يتم اختيار الخيار الأمثل الأكثر انضباطاً بالشريعة الإسلامية، ثم يعمل على إزالة المخالفة الشرعية إما بترك المعاملة، أو تعديلها، أو إنتاج عملية جديدة تكون موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية.
  2. في حالة ترتب أرباح بناء على المعاملة التي تتضمن مخاطر شرعية، يقوم المصرف الإسلامي بتتبع هذا الربح في السجلات المحاسبية، فإن تعسّر ذلك يتم تخمين مقدار الربح المحتمل، من أجل القيام بعملية التطهير.
  3. صياغة سياسات ووضع أدلة إرشادية مناسبة لإدارة المخاطر التي تنشأ من عدم الالتزام بالشريعة.
  4. رفع التقارير عما تم إنجازه، وما هي الإجراءات والسياسات اللازم اتخاذها من قبل الجهات المعنية.
  5. إقامة نشاطات للتوعية بالمخاطر الناجمة عن عدم الالتزام بالشريعة في المؤسسة وتطويرها.

المبحث الثاني: وسائل الحدّ من المخاطر الشرعية

سننطلق في حديثنا عن وسائل الحد من المخاطر الشرعية بناء على ما ذكرناه من أنواع المخاطر الشرعية، بحيث نسعى من خلال هذه الوسائل إلى الحد من المخاطر المذكورة، وقد وجدنا أن وسائل الحد من المخاطر تنقسم إلى صنفين، صنف يتعلق بالبيئة العامة للمصرف الإسلامي والعاملين فيه وما إلى ذلك، وقد ذكرناها في مبحث وسائل عامة، وصنف يتعلق بنظام العمل المصرفي وأقسام المصرف المتفرّعة عن إدارته، وقد ذكرناها في مبحثين تاليين هما الرقابة الشرعية، والتدقيق الشرعي، وفيما يلي توضيح هذه الوسائل، وكيف تساهم في الحدّ من المخاطر الشرعية التي يتعرض لها المصرف الإسلامي:

المطلب الأول: وسائل عامة للحدّ من المخاطر الشرعية

أولا: العنصر البشري:

لعل أكثر الأسباب التي تؤدي إلى حصول المخاطر الشرعية هي ضعف العنصر البشري والكادر العامل في المصرف الإسلامي، من حيث كونها الجهة التنفيذية التي يقع على عاتقها القيام بالعمليات والإجراءات، وبالتالي فهي الأكثر عرضة للخطأ أو السهو، أو ربما العمد أحيانا. ولذلك ومن أجل تقليل حدوث المخاطر الشرعية، ينبغي على المصرف أن يعمل على التطوير الدائم لكادره العامل من خلال الأمور التالية:

  1. تقوية الرقابة الذاتية: يجب أن يقوم البنك الإسلامي بتقوية الرقابة الذاتية في كوادره، بحيث يكون بداية مؤمناً بفكرة البنوك الإسلامية وفروقها الجوهرية عن المصارف التقليدية، ثم أن يكون هذا الكادر عارفاً بالرسالة السامية لهذه المصارف، وكيف ينظر الإسلام إلى المال، وما هي الحكمة من تحريم الربا والغرر وغيرها.
  2. التأهيل العلمي الشرعي التخصصي في المصرفية الإسلامية: بحيث يكون لدى العنصر البشري في المصرف الإسلامي معرفة بالاقتصاد الإسلامي وفروعه المختلفة، ومعرفة متعمقة بطبيعة أنشطة المصارف الإسلامية (صيغ التمويل، أساليب الاستثمار، مصادر واستخدام الأموال) وأصول المحاسبة في الزكاة، وعمل الدورات التدريبية عن كيفية أداء الأعمال في المصرفية الإسلامية ([52]). وأن يكون لديه من العلم الشرعي الضروري المطلوب خاصة للذين يعملون في الهيئات الشرعية أو الرقابة الشرعية، والذين يجب أن يكون لديهم التأهيل المطلوب في العلوم الشرعية التخصصية، وكذلك العلوم الأخرى التي يحتاج إليها في القيام بعمله على أكمل وجه، مثل علم المحاسبة أو الاقتصاد، ليكون على إطلاع كيف تجري المعاملات البنكية المختلفة.
  3. توفير التدريب والتطوير الوظيفي: وذلك لتعزيز القدرات اللازمة للعمل، وينبغي أن يشمل التدريب والتطوير التركيز على ميثاق سلوكيات العمل الذي وضعته مؤسسة الخدمات المالية الإسلامية، وعليه يجب أن يكون التأهيل على جميع المستويات للوصول إلى إطار إرشادي واضح، يبين التصرف المقبول والعقوبات التي تطبق على مخالفي الميثاق ([53]).
  4. استشارة أفضل العلماء وأكثرهم علماً وتقوى وورعاً، والمراجعة الدائمة لفتاوى وإصدارات الهيئات الشرعية والمجامع الفقهية المتخصصة في شؤون الاقتصاد الإسلامي.

ثانيا: الاستقلالية:

وهي قناعة ذهنية لا يقبل حاملها أن تكون آراؤه وقراراته خاضعة لتأثير المصالح المتعارضة وضغوطها، وتحقق من خلال الوضع التنظيمي والموضوعية ([54]).

فمن الواجب أن يتم منح الهيئات الشرعية والرقابية الاستقلالية الكاملة، وأن لا يمارس عليها أي شكل من أشكال الضغط أو الابتزاز لاستصدار الفتاوى، والحكم بشرعية المعاملة، لأي سبب كان سواء طلباً للربح أو غير ذلك.

كما أن للاستقلالية أهمية كبيرة تنبع في منح الهيئات الرقابية الشرعية دورها المنوط بها، والمتمثل في التالي ([55]):

  1. تعزيز ثقة الجمهور في التزام المؤسسات المالية الإسلامية في تطبيقاتها بأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها.
  2. تحقيق الأهداف الأساسية للمؤسسات المالية الإسلامية من خلال تعزيز استقلالية هيئة رقابتها الشرعية وموضوعتيها.

كما يمكّن تعزيز الاستقلالية من الحد من المخاطر التي تنشأ بسبب العلاقة بين البنك وأصحاب رأس المال، وهي من المخاطر التي ذكرناها كإحدى أنواع المخاطر الداخلية، فينبغي أن لا يمارس أصحاب رأس المال أيضاً أي شكل من أشكال الضغط على هيئات الرقابة الشرعية لإجازة بعض المعاملات طمعاً منهم وحرصاً على الربح. فينبغي أن يدرك أصحاب رأس المال أو المشاركين أن المصارف الإسلامية تقوم على مراعاة الضوابط الشرعية، حتى لو كان في هذه المراعاة خسارة مادية. لذلك عليهم أن يدركوا هذه الطبيعة المميزة للمصارف الإسلامية ويراعوا ذلك، فلا يمارسوا أي ضغط على هيئات الرقابة الشرعية.

ثالثا: الهندسة المالية الإسلامية:

مرّ معنا في أنواع المخاطر أن منها ما مصدره قيام البنوك الإسلامية بمحاولة أسلمة بعض المعاملات المصرفية، من خلال سدّ الثغرات الشرعية فيها، ولا يخفى ما قد ينتج عن ذلك من مخاطر شرعية.

لذلك تعتبر الهندسة المالية الإسلامية مدخلاً من المداخل الهامة التي تقدم تقنيات لقياس ومواجهة والتنبؤ بالمخاطر التي تعتري العمل المالي والمصرفي، حيث قدمت العديد من التقنيات التي يمكن استخدمها لإدارة المخاطر في المصارف التقليدية ([56]).

فيقع على عاتق وحدات الهندسة المالية الإسلامية أن تتحلى بالإصالة والابتكار، فتقدم منتجات وعقوداً مالية إسلامية تنسجم مع روح الشريعة الإسلامية، وخصائص المعاملات المالية الإسلامية، بدلاً من الاقتصار على منتجات المصارف التقليدية وتحويرها وتطويرها وتركيبها بما يسبغ عليها الصفة الشرعية.

وقد وصف أحد الباحثين ملامح الأصالة والابتكار في المصارف الإسلامية بما يأتي: ([57])

  1. صياغة المنتج حسب نوع الاحتياج التمويلي، فإذا كان الاحتياج تملك سلعة استهلاكية، فالمنتج المباشر هو البيع، وإذا كان الاحتياج هو تملك المنفعة فقط فالمنتج هو الإجارة…… وهكذا.
  2. تصميم أقصر الطرق لتلبية الاحتياج التمويلي، والابتعاد عن التركيب والتعقيد، وذلك لأن التعقيد يبعد عن الأصالة والابتكار، ويزيد التكاليف والإجراءات، والأهم من ذلك كله أن التركيب والتعقيد مظنة الحيلة للتوصل إلى الممنوع.

كما دعا باحث آخر إلى التطوير والتحسين المستمر وصولاً إلى تحقيق الأهداف المرجوة بصورة أكثر كفاءة، ويكون ذلك من خلال ما يلي ([58]):

  1. ابتكار أدوات مالية وآليات تمويلية جديدة.
  2. ابتكار حلول جديدة للإدارة التمويلية، مثل إدارة السيولة، وإدارة الديون، أو إعداد صيغ تمويلية لمشاريع معينة تلائم الظروف المحيطة بالمشروع.

ويتوجب على إدارة البنك الإسلامي والهيئات الشرعية والرقابية أن تعمّق البحث في المعاملات المستوردة قبل الشروع بتطبيقها، وذلك بدراسة كافة محاورها، وخطواتها، وإجراءاتها، فلا تستعجل الربح قبل التأكد من شرعية هذه المعاملة من قِبل المختصين والباحثين الموثوقين، والمشهود لهم بسعة العلم والتقوى.

رابعا: الحد من المخاطر الخارجية:

ذكرنا سابقا أن المخاطر الشرعية الخارجية هي المخاطر التي تأتي من خارج بيئة البنوك الإسلامية، وهي نوعين: المخاطر الناجمة عن علاقة البنك الإسلامي بالبنك الإسلامي، والمخاطر الناجمة بسبب القوانين والتشريعات المعمول بها في البلد.

وكلا النوعين كما هو واضح ناجم عن عوامل خارجية لا علاقة للبنك الإسلامي فيها أساسا، وإنما يرتكبها البنك الإسلامي مجبرا.

والحد من هذا النوع من المخاطر يستدعي أولا أن يشكل المصرفيون الشرعيون في كل دولة على حدة، إطارا مهنيا يعتبر ممثلا لهم، ومفاوضا نيابة عنهم أمام الحكومة والبرلمان وصانعي القرار، وذلك من أجل العمل على إقرار قوانين وتشريعات تراعي خصوصية البنوك الإسلامية وتجنبها الوقوع في المخاطر الشرعية.

كما يتوجب على المصارف الإسلامية أن تبتكر حلولا مناسبة وبدائل شرعية عن بعض التعاملات مع البنك المركزي كسعر إعادة الخصم الذي يستخدم لإدارة السيولة في المصارف سواء الإسلامية والتقليدية.

خامساً: الرقابة الشرعية ودورها في الحد من المخاطر الشرعية.

إن المتابع في أبحاث الاقتصاد الإسلامي يلاحظ أنه لا تزال مشكلة المصطلحات والمسميات قائمة، وخاصة في مصطلحات الرقابة الشرعية والهيئة الشرعية والتدقيق الشرعية الداخلي والدقيق الشرعي الخارجي والمرجعة الداخلية والخارجية. ولذلك يقع على عاتقنا التفريق بين هذه المصطلحات كلٌ في موضعه.

وتعتبر الرقابة الشرعية من أهم عناصر المؤسسات المالية الإسلامية وخاصة المصارف الإسلامية، وهي ركيزة أساسية في بنائها، فهي الدرع الواقي من التهديدات الخارجية والداخلية، بل وتساعد على تحقيق أهداف البنك وفق أحكام الشريعة الإسلامية، مما يكسب البنوك الإسلامية مصداقية لدى شرائح المجتمع التي تتعامل مع البنك سواء من المودعين أو المتعاملين.

سادساً: التدقيق الشرعي وأثره في الحد من المخاطر الشرعية.

التدقيق الشرعي من الوسائل الرئيسية للحد من المخاطر الشرعية، فهو من أهم الأدوات المتبعة لتقييم نظام الرقابة الشرعية والحد من المخاطر الشرعية، وهو يساعد المصارف الإسلامية على تعزيز الثقة بها عند الزبائن والمستثمرين. وينقسم التدقيق الشرعي في المصارف الإسلامية إلى قسمين هما: التدقيق الشرعي الداخلي والتدقيق الشرعي الخارجي.

فإن التدقيق الداخلي هو امتداد لوظيفة أو مهمة سياسة مجلس الإدارة لإدارة المخاطر، وفي ضوء ذلك يناط بالتدقيق الداخلي مهمة التأكد من التزام المصرف بالأنظمة الرقابية الداخلية ونظم المعلومات وقرارات الهيئة الشرعية ([59]).

كما يعد التدقيق الشرعي الداخلي من أهم مكونات نظام الرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية، حيث يقع على عاتقه بشكل رئيس تقييم مدى التزام المؤسسة بالفتاوى والقرارات الصادرة عن هيئة الرقابة الشرعية، وهذا يستدعي أن تكون هذه الدائرة أو الوحدة في مستوى إداري وتنظيمي يضمن عملها باستقلالية، وأن يكون كادرها الوظيفي مؤهلا ومدربا بحيث يضمن موضوعية تأدية المهام. ([60])

وبناء على ما سبق فإن الرقابة الشرعية الداخلية، تختلف عن التدقيق الشرعي الداخلي من عدة جوانب، وهذه أبرزها في الجدول الآتي: ([61])

جدول (1): الفرق بين التدقيق الشرعي الداخلي والرقابة الشرعية الداخلية

الفرقالتدقيق الشرعي الداخليالرقابة الشرعية الداخلية
التبعية الإداريةتتبع لهيئة الرقابة الشرعيةدائرة مستقلة تتبع للرئيس التنفيذي أو وحدة تتبع لإحدى الإدارات
نطاق العملجميع العمليات والأنشطة والشركات التابعة في المؤسسات المالية الإسلاميةالأنشطة والعمليات المحددة من مجلس الإدارة
فترة المهمةدوريايوميا
مجال المهمةعينة من العمليات والأنشطةجميع العمليات والأنشطة
الهدفتقييم نظام الرقابة الشرعيرصد الأخطاء الشرعية وتقديم التوصيات

 العلاقة بين التدقيق الشرعي وإدارة المخاطر الشرعية

التدقيق الشرعي بنوعيه وثيق الصلة بموضوع إدارة المخاطر الشرعية، فهما يمثلان مكونين رئيسين للامتثال للشرعية الإسلامية، وخطوط دفاع رئيسه لضمان سلامة المؤسسة، فإدارة المخاطر الشرعية تمثل خط الدفاع الثاني للتحكم في المخاطرة الشرعية، والتدقيق الشرعي يمثل خط الدفاع الثالث لتصحيح الأخطاء والمخالفات الشرعية التي وقعت فيها المؤسسة وتجنب تكرار هذه المخالفات([62])، حيث يقوم التدقيق بتحليل نقاطا القوة ونقاط الضعف في نظام الرقابة الداخلية ومدى ملاءة هذا النظام للمتطلبات الحوكمة والثقافة التنظيمية والتهديدات والفرص التي توجهها والتي يمكن أن تؤثر على غاياتها([63]).

وتظهر أهمية التدقيق الشرعي الداخلي والخارجي في العمل على أن تكون المعاملات المصرفية على الوجه المقصود والمرجو منها، وكذلك مراقبة عمل الرقابة الشرعية الداخلي من أجل أن تقوم بعملها على أكمل وجه.

وهكذا تقوم إدارة المخاطرة الشرعية في الكشف عن المخاطر الشرعية ووضع السياسات والإجراءات التي تمنع من هذا المخالفات الشرعية. وهي من أهم مساهمات التدقيق الشرعي في تخفيض المخاطر، فتقترح إدارة التدقيق الشرعي مقترحات لسد الثغرات والمطالبة بتعديل السياسات أو الإجراءات أو تطوير أنظمة العمل، أو تأهيل العاملين وتدريبهم على نحو يمكنهم من التنفيذ الشرعي الصحيح.

من شأن كل ما سبق أن يقلل المخاطر التي يجابهها المصرف ويدعم كفاءته لتحقيق أهدافه المرجوة، وجميع ذلك لا شك يطمئن المتعاملين مع البنك على شرعية أنشطته مما يزيد عدد المتعاملين معه ويكسبه سمعة شرعية طيبة.

الخاتمة: النتائج والتوصيات

وتحتوي على أهم النتائج والتوصيات التي توصل اليها الباحث:

النتائج:

خلصت الدراسة إلى النتائج التالية:

  1. الفقهاء فلم يتناولون مفهوم الخطر، لكنهم تناولوا بعض المصطلحات القريبة مثل: الغرر، المقامرة والمجازفة، كما تناولوا أيضا بعض القواعد الفقهية التي ترتبط بموضوع الخطر، من حيث أن الربح يترتب في مقابل الضمان أو الغُرم -أي التعرض للخطر-، وأبرز هذه القواعد: قاعدة الخراج بالضمان، وقاعد الغرم بالغنم.
  2. المخاطر في المصارف الإسلامية: هي الاستعداد لتحمل المخاطر التي تكون عند القيام بالأعمال الاستثمارية المشروعة التي تقوم على إضافة اقتصاديه بين صاحب الرأس المال المخاطر وبين العامل المخاطر.
  3. المخاطر الشرعية: احتمالية وقوع ما قد يؤدي إلى ضرر يمسّ بالناحية الشرعية، من جانب التصرفات التنفيذية أو المنتجات أو العقود المرتبطة بالمنتجات المالية، مما يؤدي إلى ضرر بسمعة المصارف والمؤسسات الإسلامية.
  4. للمخاطر الشرعية أسباب متعددة: المحاكاة للمنتجات غير الإسلامية، ضعف النظام في المصارف الإسلامية، انعدام المرجعية الموحّدة المركزية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، ضعف الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية، ضعف العنصر البشري، ضعف الناحية القانونية في البنوك الإسلامية، بعض الاجتهادات الفقهية التي قد تؤدي إلى الحيل المحرمة.
  5. تتعدد أنواع المخاطر الشرعية بسبب تعدد أسبابها، إلى ثلاثة أنواع:
    1. المخاطر المتأصلة: وهي المخاطر المرتبطة بطبيعة العقد، مثل: مخاطر تنشأ في مرحلة تكوين العقد وهي التي ترتبط بأركان العقد وشروطه. ومخاطر تنشأ في مرحلة تنفيذ العقد وهي التي ترتبط بالغرر والجهالة. ومخاطر تنشأ بعد تنفيذ العقد مثل المماطلة في الدين، وإفلاس العميل.
    1. المخاطر الشرعية الداخلية: وهي التي ترتبط بالبنك نفسه من حيث العاملين فيه أو السياسيات المتبعة، مثل: مخاطر بسبب الكوادر البشرية، المخاطر المرتبطة بالرقابة الشرعية، ومخاطر مصدرها تقليد المنتجات المصرفية التقليدية.
    1. المخاطر الشرعية الخارجية: وهي المخاطر التي تأتي من خارج بيئة البنوك الإسلامية، مثل: المخاطر الناتجة عن علاقة البنك الإسلامي بالبنك المركزي، ومخاطر القوانين والتشريعات.
  6. إدارة المخاطر الشرعية: هي عملية تحديد وقياس وتقييم المخاطر الشرعية والسيطرة عليها بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، واتخاذ الاستراتيجيات الملائمة لتلافيها إن أمكن، أو تخفيضها إلى الحد المقبول، أو تجنبها، وإنها مسؤولية كافة الأفراد في المؤسسة بما فيها هيئة الرقابة الشرعية.
  7. تهدف إدارة المخاطر الشرعية إلى: الابتعاد من الوقوع في مخالفة شرعية، تجنب الوقوع في خسارة مالية، وزيادة كفاءة المصارف الإسلامية في مواجهة المخاطر، الحفاظ على سمعة وشفافية ومصداقية المصارف الإسلامية.
  8. تمر إدارة المخاطر الشرعية بعدة مراحل: تحديد وقياس المخاطر الشرعية، ثم المراقبة والتقرير، ثم وضع السياسات والإجراءات وتطوير الوعي.
  9. اتبعت المصارف الإسلامية عدة وسائل للحد من المخاطر الشرعية، وقد قسمناها إلى: وسائل عامة، والرقابة الشرعية، والتدقيق الشرعي.
  10. الوسائل العامة للحد من المخاطر الشرعية هي: تطوير العنصر البشري، وتعزيز الاستقلالية للهيئات الشرعية، تطوير الهندسة المالية الإسلامية.
  11. الرقابة الشرعية من أهم وسائل الحد من المخاطر الشرعية، لكن ينبغي التفريق بين: أ-الرقابة الشرعية كنظام يتكون من عدة هياكل وظيفية داخل المصرف، مثل هيئة الرقابة والمدقق الشرعي الخارجي والداخلي وإدارة المخاطر، ب-الرقابة الشرعية كنشاط وهي الوسيلة المعتمدة هنا في وسائل الحد من المخاطر الشرعية.

التوصيات:

  1. إيجاد إدارة فعالة في إدارة المخاطر الشرعية من حيث الفعل والمضمون، حيث يجب أن تكون جزء من إدارة المخاطر الموجودة في المصارف تكون فيها وحدة متخصصة في إدارة المخاطر الشرعية حيث تقوم إدارة المخاطر المصرفية بدارسة المعاملة في نواحي المخاطر الائتمانية ومخاطر السوق وتقوم وحدة إدارة المخاطر الشرعية بدارسة وتحديد وقياس والتنبئي هل يوجد مخاطر الشرعية أو لا.
  2. العمل على التأهيل والتدريب الموظفين في المصارف الإسلامية لأنه أحدهم قد يكون سبب في المخاطر الشرعية التي تحدث في المصارف الإسلامية أما بقصد أو بدون قصد فيجب أن يكون التأهيل فني وشرعي وخاصة التي تعمل في إدارة المخاطر الشرعية من خلال معرفة كيفية ودراسة وقياس وتحديد المخاطر.
  3. العمل على إيجاد المرجعية الموحد المركزية للمؤسسات المالية هي المرجع الوحيد لجميع المصارف الإسلامية حيث أنه تجد في بعض المصارف معاملات جائزة في مصارف أخر تكون هذه المعاملات محرمة وسبب ذلك عدم وجود مرجعية موحدة، هذا الذي يصعب عمل إدارة المخاطر الشرعية في تحديد تلك المعاملات هل هي مخاطر شرعية أو لا.
  4. العمل على تطوير العلاقة بين كلاً من إدارة المخاطر الشرعية والرقابة الشرعية والرقابة الداخلية من حيث إنشاء نظام حديث وقوي يسهل من أجراء العمليات وجمع المعلومات في أسرع وقت وتحليها وقياسها والتعامل معها وتصنيفها وذلك من خلال تطوير وخلق نماذج إحصائية لإدارة المخاطر توافق طبيعة نشاط المصارف الإسلامية.

المصادر والمراجع

أحمد السعد، محمد الحنيني، بدائل (المسعف الأخير) للمصارف الإسلامية من البنوك المركزية، مؤتمر المصاريف الإسلامية بين الواقع والمأمول (دبي، 2009)

الإرشادات المتعقلة بالعناصر الرئيسة في إجراءات الرقابة الإشرافية للمؤسسات التي تقتصر على تقديم خدمات مالية إسلامية –مجلس الخدمات المالية الإسلامية – 2007

الخليل، الفراهيدي، كتاب العين مرتبا على حروف المعجم، ط1 (دار الكتب العلمية،2003)

الساعاتي، “نحو مشتقات مالية إسلامية”

المبادئ الإرشادية لسلوكيات العمل للمؤسسات التي تقدم خدمات مالية إسلامية (مجلس الخدمات المالية، 2009)

المرسي، سيده، المحكم والمحيط الأعظم، ط1 م (بيروت: دار الكتب العلمية ،2000) 

المعجم الوسيط، ط4. مكتبة الشروق الدولية، 2004 

الموسوعة الفقهية، دار ذات السلاسل – الكويت – ط.2 -1990

إبراهيم المؤيد، النظام القانوني للمصارف الإسلامية الإشكاليات والحلول، (إب – جامعة إب)

أحمد، أبن تيمية، تفسير آيات أشكلت، ط1. (الرياض، مكتبة الرشد، 1996)

أحمد، سليمان، “المخاطر الشرعية المحيطة بالمؤسسات المالية وسبل الحد منها” www.kenenoline.com/users/ahmed0shawky/posts/73543[8-06-2018].

جاسر-محمد – استخدام مؤشرات المخاطر الشرعية الرئيسية في التدقيق الشرعي-ورقة بحث في مؤتمر شورى الثامن للتدقيق الشرعي – مسقط –عمان-2019

حمد، الخطابي، معالم السنن للأمام في شرح سنن الأمام أبي داود، ط1. (حلب، المطبعة العلمية،1933)

خالد، الراوي، إدارة المخاطر المالية، ط. م، (عمان، دار المسيرة، 2011)

سامي، السويلم، التحوط في التمويل الإسلامي، ط1. (جدة، البنك الإسلامية للتنمية المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب،2007)

سعدي، أبو جيب، القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، ط1(دمشق، دار الفكر ،1982) ص27 -أحمد، عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1 (بيروت، عالم الكتب، 2008)  

سعيد بوهراوة، فارس جعفري، اعتماد منهجية كوزو (COSO) في التدقيق الشرعي الداخلي، شورى الثامن للتدقيق الشرعي (مسقط –عمان – 2019)

سليمان، “المخاطر الشرعية المحيطة بالمؤسسات المالية وسبل الحد منها”

شمس الدين، السرخسي، كتاب المبسوط، (بيروت، دار المعرفة) 

شوقي، المخاطر الشرعية المحيطة بالمؤسسات المالية وسبل الحد منها

صالح حماد أثر إدارة المخاطر (التشغيليـة) على البيئة الرقابية والتدقيق الداخلي، المؤتمر العلمي الدولي السنوي السابع إدارة المخاطر واقتصاد المعرفة.

طارق الله خان، حبيب أحمد، إدارة المخاطر تحليل قضايا في الصناعة المالية الإسلامية، ط. 1، (جدة، البنك الإسلامي للتنمية المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، 2003)

عبد الباري، مشعل، كيف نقيّم تطور الالتزام الشرعي في الصناعة المالية الإسلامية خلل أربعين عاماً-شركة رقابة 2017

عبد الباري، مشعل، الرقابة الشرعية وأثرها على تطوير صناعة الخدمات المالية الإسلامية

عبد الحي، استخدامات تقنيات الهندسة المالية في إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية”

عبد الرحيم، الساعاتي، “نحو مشتقات مالية إسلامية”، مجلة جامعة الملك عبد العزيز الاقتصاد الإسلامي، م. 11 (1999)

عبد السلام، بدوي-أثر هيكل نظام الرقابة الداخلية وفقاً لإطار COSO على تحقيق أهداف الرقابة (دارية حالة المنظمات الأهلية في قطاع غزة) (رسالة ماجستير في المحاسبة والتمويل – الجامعة الإسلامية –عزة – 2011 

عبد الكريم، قندوز، ” مراجعة لنظرية المخاطرة في الاقتصاد الإسلامي ودورها في ابتكار وتطوير منتجات إدارة المخاطر بالصناعة المالية الإسلامية، ملتقى الخرطوم للمنتجات المالية الإسلامية، التحوط وإدارة المخاطر في المؤسسات المالية الإسلامية 2012

عبد الكريم، قندوز، الهندسة المالية الإسلامية بين النظرية والتطبيق ط1(دمشق، مؤسسة الرسالة 2008)

عبد الكريم، قندوز، إدارة المخاطر بالمؤسسات المالية الإسلامية من الحلول الجزئية إلى التأصيل، مؤتمر المصارف الإسلامية بين المواقع والمأمول (دبي – 2009)

عبد الله عطية، بحث مفاهيم الرقابة والتدقيق والمراجعة والامتثال الشرعي (المؤتمر السادس للتدقيق الشرعي، 7 نيسان 2016)، شركة شورى، إسطنبول تركيا

عبد الناصر، آل محمود “توحيد المرجعية الشرعية في مهنة التدقيق الشرعي ” ورقة مؤتمر المدققين الشرعيين الثالث 2011

عطية، ” مفاهيم الرقابة والتدقيق والمراجعة والامتثال الشرعي”

مجموعة مؤلفين، معايير المحاسبة والمراجعة والحوكمة والأخلاقيات، (هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، 2015)

محمد، البلتاجي، نموذج لقياس مخاطر في المؤسسات المالية الإسلامية، متلقى الخرطوم للمنتجات الإسلامية 2012(السودان، 2012)

محمد، الزبيدي، تاج العروس من جوهر القاموس، (الكويت، التراث العربي، 1974)

محمد، جاسر-“استخدام مؤشرات المخاطر الشرعية الرئيسية في التدقيق الشرعي” مؤتمر شورى الثامن للتدقيق الشرعي – مسقط –عمان-2019

محمد، زيدان ” تفعيل دور الرقابة الشرعية والتدقيق الشرعي في المصارف والمؤسسات المالية لإسلامية” المصارف الإسلامية بين الواقع والمأمول” (دبي، 2009)

محمد، عبد الحي “استخدامات تقنيات الهندسة المالية في إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية “رسالة دكتور في العلوم المالية والمصرفية (جامعة حلب – سوريا – 2014)

 محمود إرشيد،”أسس اختيار القوى البشرية في الصيرفة الإسلامية”، مجلة جامعة النجاح للأبحاث (العلوم الإنسانية) م.22، ع.2(2008)

مفتاح، صالح، إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية، 2009، مؤتمر الملتقي العلمي الدولي

موسى، عيسى، “التدقيق الشرعي وإدارة المخاطر موسى آدم عيسى”، المؤتمر الرابع للتدقيق الشرعي، (البحرين – 23-24 أكتوبر 2013) شورى للاستشارات الشرعية

هيا، لظن، ” مدى فاعلية التدقيق الداخلي في تقويم إدارة المخاطر وفق إطار COSO دارسة تطبقيه على القطاعات الحكومية في قطاع غزة”، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية، عزة، 2016


([1]) عبد الكريم، قندوز، ” مراجعة لنظرية المخاطرة في الاقتصاد الإسلامي ودورها في ابتكار وتطوير منتجات إدارة المخاطر بالصناعة المالية الإسلامية، ملتقى الخرطوم للمنتجات المالية الإسلامية، التحوط وإدارة المخاطر في المؤسسات المالية الإسلامية، 5-6/3/ 2012، (الخرطوم-2012): 2.

([2]) عبد الرحيم، الساعاتي، “نحو مشتقات مالية إسلامية”، مجلة جامعة الملك عبد العزيز الاقتصاد الإسلامي، م. 11 (1999): 67.

([3]) طارق الله خان، حبيب أحمد، إدارة المخاطر تحليل قضايا في الصناعة المالية الإسلامية، ط. 1، (جدة، البنك الإسلامي للتنمية المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، 2003)، 33.

(1) المرسي، سيده، المحكم والمحيط الأعظم، ط1 م (بيروت: دار الكتب العلمية ،2000) ج5، ص 109.

([5])  المعجم الوسيط، ط4. مكتبة الشروق الدولية، 2004، ص 243.

([6]) المرسي، المحكم والمحيط الأعظم، ج5، ص 109.

([7]) الخليل، الفراهيدي، كتاب العين مرتبا على حروف المعجم، ط1 (دار الكتب العلمية،2003) ج1، ص419.

([8])  الموسوعة الفقهية، دار ذات السلاسل – الكويت – ط.2 -1990، جزء19 –ص208.

([9]) سامي، السويلم، التحوط في التمويل الإسلامي، ط1. (جدة، البنك الإسلامية للتنمية المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب،2007) ص62.

([10]) بيع الملامسة: هو أن يقول: إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك فقد وجب البيع، وقيل: هو أن يلمس المتاع من وراء الثوب ولا ينظر إليه ثم يوقع البيع عليه.

([11]) بيع المنابذة: أن يقول: ألق إلى ما معك وألقي إليك ما معي.

([12]) حبل الحبلة: يراد به ما في بطون النوق من الحمل.

([13]) الملاقيح: وما في أصلاب الفحول.

([14]) أحمد، أبن تيمية، تفسير آيات أشكلت، ط1. (الرياض، مكتبة الرشد، 1996) ج1، ص700.

([15]) محمد، الزبيدي، تاج العروس من جوهر القاموس، (الكويت، التراث العربي، 1974) ج13، ص216.

– سعدي، أبو جيب، القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، ط1(دمشق، دار الفكر ،1982) ص27 -أحمد، عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1 (بيروت، عالم الكتب، 2008) ج2، ص 1606.

([16]) وهو محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي كان عالما، وأصولياً، ومناظراً توفي في حدود الخمسمائة -زين الدين، قطلوبغا -تاج التراجم ط1(دار القلم ،1992).

([17]) شمس الدين، السرخسي، كتاب المبسوط، (بيروت، دار المعرفة) ج 12 ص194.

([18]) وهو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي أبو سليمان من ولد زيد بن الخطاب قال السلفي ذكر الجم الغفير والعدد الكثير أن اسمه حمد وهو الصواب وعليه الاعتماد وذكره صلاح الدين الصفدي، كتاب الوافي بالوفيات –ط1. (بيروت، دار إحياء التراث العربي ،2000) ص207.

([19]) حمد، الخطابي، معالم السنن للأمام في شرح سنن الأمام أبي داود، ط1. (حلب، المطبعة العلمية،1933) ج3، ص88.

([20]) الزبيدي، تاج العروس من جوهر القاموس ،23، ص85.

([21]) مفتاح، صالح، إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية، 2009، مؤتمر الملتقي العلمي الدولي، ص2.

([22]) خالد، الراوي، إدارة المخاطر المالية، ط. م، (عمان، دار المسيرة، 2011)، 10.

([23]) عبد الحي، استخدامات تقنيات الهندسة المالية في إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية”، 14.

([23]) المرجع السابق ص20-21.

([24]) الساعاتي، “نحو مشتقات مالية إسلامية”، م. 11، 57.

([25]) الساعاتي، “نحو مشتقات مالية إسلامية”، 20-21.

([26]) صالح حماد أثر إدارة المخاطر (التشغيليـة) على البيئة الرقابية والتدقيق الداخلي، المؤتمر العلمي الدولي السنوي السابع إدارة المخاطر واقتصاد المعرفة.

([27]) عبد الحي، “استخدامات تقنيات الهندسة المالية في إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية”، 18-19.

([28]) سعيد بوهراوة، فارس جعفري، اعتماد منهجية كوزو (COSO) في التدقيق الشرعي الداخلي، شورى الثامن للتدقيق الشرعي (مسقط –عمان – 2019)، 109.

([29]) مشعل، الرقابة الشرعية وأثرها على تطوير صناعة الخدمات المالية الإسلامية: 43.

([30]) عبد الله عطية، بحث مفاهيم الرقابة والتدقيق والمراجعة والامتثال الشرعي (المؤتمر السادس للتدقيق الشرعي، 7 نيسان 2016)، شركة شورى، إسطنبول تركيا ص19.

([31]) عبد الباري، مشعل، كيف نقيّم تطور الالتزام الشرعي في الصناعة المالية الإسلامية خلل أربعين عاماً-شركة رقابة 2017م ص15.

([32]) محمد، جاسر-“استخدام مؤشرات المخاطر الشرعية الرئيسية في التدقيق الشرعي” مؤتمر شورى الثامن للتدقيق الشرعي – مسقط –عمان-2019م ص6.

([33]) عبد الكريم، قندوز، إدارة المخاطر بالمؤسسات المالية الإسلامية من الحلول الجزئية إلى التأصيل، مؤتمر المصارف الإسلامية بين المواقع والمأمول (دبي – 2009): 6.

([34]) عبد السلام، بدوي- أثر هيكل نظام الرقابة الداخلية وفقاً لإطار COSO على تحقيق أهداف الرقابة (دارية حالة المنظمات الأهلية في قطاع غزة) (رسالة ماجستير في المحاسبة والتمويل – الجامعة الإسلامية –عزة – 2011 م -ص 32.

([35]) عبد الكريم، قندوز، الهندسة المالية الإسلامية بين النظرية والتطبيق ط1(دمشق، مؤسسة الرسالة 2008) ص17-18.

([36]) عبد الناصر، آل محمود “توحيد المرجعية الشرعية في مهنة التدقيق الشرعي ” ورقة مؤتمر المدققين الشرعيين الثالث 15-8-2011 :10.

([37]) محمد، زيدان ” تفعيل دور الرقابة الشرعية والتدقيق الشرعي في المصارف والمؤسسات المالية لإسلامية” المصارف الإسلامية بين الواقع والمأمول” (دبي، 2009) 3.

([38]) أحمد، سليمان، “المخاطر الشرعية المحيطة بالمؤسسات المالية وسبل الحد منها” www.kenenoline.com/users/ahmed0shawky/posts/73543[8-06-2018].

([39])  محمود إرشيد،”أسس اختيار القوى البشرية في الصيرفة الإسلامية”، مجلة جامعة النجاح للأبحاث ( العلوم الإنسانية )م.22، ع.2(2008): 523.

([40]) أحمد، سليمان، “المخاطر الشرعية المحيطة بالمؤسسات المالية وسبل الحد منها” www.kenenoline.com/users/ahmed0shawky/posts/73543[8-06-2018].

([41]) إبراهيم المؤيد، النظام القانوني للمصارف الأسلامية الأشكاليات والحلول،( إب – جامعة إب )75.

([42]) إبراهيم المؤيد، النظام القانوني للمصارف الأسلامية الأشكاليات والحلول،( إب – جامعة إب )5.

([43]) قندوز – عبد الكريم أحمد –إدارة المخاطر بالمؤسسات المالية الإسلامية من الحلول الجزئية إلى التأصيل-بحث مقدم إلى مؤتمر المصارف الإسلامية بين المواقع والمأمول – دبي – 2009م ص6

([44]) جاسر-محمد – استخدام مؤشرات المخاطر الشرعية الرئيسية في التدقيق الشرعي-ورقة بحث في مؤتمر شورى الثامن للتدقيق الشرعي – مسقط –عمان-2019م ص6

([45]) بدوي-عبد السلام –أثر هيكل نظام الرقابة الداخلية وفقاً لإطار COSO على تحقيق أهداف الرقابة (داريه حالة المنظمات الأهلية في قطاع غزة) – رسالة ماجستير في المحاسبة والتمويل – الجامعة الإسلامية –عزة – 2011 م -ص 32

([46]) شوقي، المخاطر الشرعية المحيطة بالمؤسسات المالية وسبل الحد منها، 9.

([47]) محمد، البلتاجي، نموذج لقياس مخاطر في المؤسسات المالية الإسلامية، متلقى الخرطوم للمنتجات الإسلامية 2012(السودان، 2012) 6.

([48]) سعيد بوهراوة، فارس جعفري، اعتماد منهجية كوزو (COSO) في التدقيق الشرعي الداخلي، 110.

([49]) الإرشادات المتعقلة بالعناصر الرئيسة في إجراءات الرقابة الاشرافية للمؤسسات التي تقتصر على تقديم خدمات مالية إسلامية –مجلس الخدمات المالية الإسلامية – 2007م ص2.

([50]) سعيد بوهراوة، فارس جعفري، اعتماد منهجية كوزو (COSO) في التدقيق الشرعي الداخلي، 110.

([51]) أحمد السعد، محمد الحنيني، بدائل (المسعف الأخير) للمصارف الإسلامية من البنوك المركزية، مؤتمر المصاريف الإسلامية بين الواقع والمأمول (دبي، 2009) 3.

([52]) سليمان، “المخاطر الشرعية المحيطة بالمؤسسات المالية وسبل الحد منها”، 10.

([53]) المبادئ الإرشادية لسلوكيات العمل للمؤسسات التي تقدم خدمات مالية إسلامية (مجلس الخدمات المالية، 2009)، 14.

([54]) مجموعة مؤلفين، معايير المحاسبة والمراجعة والحوكمة والأخلاقيات، (هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، 2015) 1124.

([55]) المرجع السابق -ص1105.

([56]) محمد، عبد الحي “استخدامات تقنيات الهندسة المالية في إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية “رسالة دكتور في العلوم المالية والمصرفية (جامعة حلب – سوريا – 2014) ص57.

([57]) مشعل، الرقابة الشرعية وأثرها على تطوير صناعة الخدمات المالية الإسلامية، 18.

([58]) شوقي، المخاطر الشرعية المحيطة بالمؤسسات المالية وسبل الحد منها، 15.

([59]) موسى، عيسى، “التدقيق الشرعي وإدارة المخاطر موسى آدم عيسى”، المؤتمر الرابع للتدقيق الشرعي، (البحرين – 23-24 أكتوبر 2013) شورى للاستشارات الشرعية، 28.

([60]) عطية، ” مفاهيم الرقابة والتدقيق والمراجعة والامتثال الشرعي “، 17.

([61]) عطية، ” مفاهيم الرقابة والتدقيق والمراجعة والامتثال الشرعي”، 20.

([62]) سعيد بوهراوة، فارس جعفري، اعتماد منهجية كوزو (COSO) في التدقيق الشرعي الداخلي، 109.

([63])هيا، لظن، ” مدى فاعلية التدقيق الداخلي في تقويم إدارة المخاطر وفق إطار COSO دارسة تطبقيه على القطاعات الحكومية في قطاع غزة”، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية، عزة، 2016، 67